في كل مرة تقترب الحلول من كسر حالة الجمود السياسي في البلاد تطفو على السطح مجموعة تعرقل أي جهود للتوافق والنهوض من حالة الفتور والانقسام التي أصابت مؤسسات الدولة.
هذه المجموعات ظهرت في جلسات مجلس النواب لإقرار قانون الاستفتاء، وعرقلت التصويت عدة مرات، كما فعلت سابقا في جلسات منح الثقة لحكومة الوفاق، وجلسات تضمين الاتفاق السياسي ضمن الإعلان الدستوري.
معطلو قرارت مجلس النواب الذين وصفهم عضو المجلس جلال الشويهدي، في تدوينة على صفحته الرسمية، بـ “نواب حفتر” الذين يعملون على تعطيل كل ما لا يخدم مصلحة قائد قوات الكرامة الشخصية، وفق قوله.
الشويهدي اتهم حفتر باستخدام حلفائه من نواب المجلس في إجهاض الاتفاق السياسي، وعرقلة جهود قيام حكومة وحدة وطنية، ومؤسسات موحدة تذهب بالبلاد إلى انتخابات ومرحلة استقرار دائمة.
قلة مفسدة
وقال عضو مجلس النواب أبوبكر سعيد، إن قلة من أعضاء المجلس أفسدوا “بكل عنجهية وصلف” جلسة إقرار مشروع قانون الاستفتاء على الدستور الذي ينتظره الليبيون.
وأشار سعيد، في صفحته الرسمية، إلى أن هذه القلة هي نفسها من عرقلت سابقا الاتفاق السياسي، وأفسدت جلسة منح الثقة لحكومة الوفاق بالطريقة ذاتها.
تنسيق لإعاقة التصويت
ورأى مدير مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي، أن ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب يظهر وجود تنسيق بين رئيس المجلس عقيلة صالح ومجموعة رافضة للتصويت، وهو ما يسمي بـ “تقاليد المؤتمرات الشعبية” في أيام حكم النظام السابق، أو ما يعرف بـ “تخريب الميعاد”، وعقيلة يعدّ من مخرجات النظام الجماهيري، فهو خبير في هذا الأمر، حسب تعبيره.
وأضاف الراجحي، في تصريح للرائد، أن الحل الحقيقي لتجاوز أزمة تأجيل التصويت على قانون الاستفتاء يكمن في اجتماع أعضاء مجلس النواب في مدينة أخرى خارج سيطرة قوات الكرامة، في الجنوب أو في الغرب، مشيرا إلى استمرار ما وصفه بعبث رئيس مجلس النواب، في ظل ضعف النواب وجبنهم وعدم قدرتهم على نقل الجلسات إلى مدينة أخرى، حسب قوله.
ودعا الراجحي الليبيين كافة إلى مطالبة المجتمع الدولي بإلغاء الأجسام المعرقلة لعملية التصويت أو الاتفاق السياسي، وإحالة السلطة إلى المحكمة العليا لتُصدر بعض التشريعات، من ضمنها قانون الاستفتاء، لتسيير المرحلة القادمة.
تحصين المادة السادسة
وأوضح عضو مجلس النواب علي الصول، أن المجموعة التي تعرقل التصويت يمثل جزء كبير منها المنطقة الشرقية، وعددهم لا يتجاوز 20 عضوا.
وأضاف الصول، في تصريح للرائد، أن هذه المجموعة تريد ضمانات لتحصين المادة السادسة من قانون الاستفتاء؛ لكي يمرّ القانون، مشيرا إلى أنهم بصدد تجميع توقيعات لتعديل الفقرة 12 من الإعلان الدستوري التي تنص على أن ليبيا دائرة انتخابية واحدة، عكس ما تنص عليه المادة السادسة من قانون الاستفتاء التي تنص على تقسيم ليبيا إلى ثلاث دوائر انتخابية.
وأكد الصول أن الدستور لا يخص مجلس النواب، ولا يحق له أن يتدخل في رأي الشعب بخصوص الاستفتاء عليه.
جلسة التوتر داخل القاعة وخارجها
ووصف عضو مجلس النواب عبد السلام نصية، جلسة التصويت على قانون الاستفتاء بجلسة التوتر داخل القاعة وخارجها، مضيفا أنه قبيل افتتاح الجلسة كان هناك تبادل لإطلاق النار خارج القاعة بين أفراد الحرس الرئاسي، أصيب على إثره نائبا وضابط.
وأضاف نصية، على صفحته الرسمية، أنه بعد طلب رئيس المجلس عقيلة صالح، البدء في التصويت عن طريق المناداة بالاسم بدأت على إثر ذلك سلسلة من المشادات والمناقشات، وتحول عدد كبير من الأعضاء إلى طاولة الرئيس والنائب لتتوقف عملية التصويت.
وأوضح نصية أن بعض الأعضاء طالبوا بضرورة إجراء تعديل دستوري يحصّن المادة السادسة من القانون قبل التصويت عليه، مشيرا إلى أن التوافق حدث بعد ساعات من التوتر حول إقرار مشروع القانون وإقرار التعديل الدستوري، وسيصوت عليهما بعد عطلة العيد، وبذلك أضيفت “مصطلحات جديدة لقاموس الديمقراطية الليبية”، وفق تعبيره.