مازال المجلس الرئاسي يتأخر في إعلان تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، بعد استكمال استعداده تنفيذ الإصلاحات، متحججا بالبحث في الأطر القانونية قبل الشروع في تنفيذها؛ لضمان أن تكون في صالح المواطن، فهل هناك أسباب أخرى تقف خلف تأخير إعلانها وتنفيذها؟
لا إصلاح اقتصادي ما دام هناك مليشيات
الكاتب والمحامي فيصل الشريف يرى أن أي إصلاحٍ اقتصادي سيتجاوز كونه حلمًا في ظل بقاء الوضع الأمني على ما هو عليه من خلال استمرار سيطرة “مليشيات” مسلحة بعينها على المجلس الرئاسي، مؤكدا أن فائز السراج والصديق الكبير والحلقة التي تليهما جميعهم مكبلين بحيث لن تمر خطة إصلاحٍ تحد من نفوذ ومكاسب تلك المليشيات أو تحرمها من نيل النصيب الأوفر من المغنم. حسب تعبيره.
وشدد الشريف في تصريح للرائد، على أنه لا إصلاح اقتصادي سيكون مثمرًا ما لم يتم وضع خطط ناجعة تضمن فاعلية هذا الإصلاح ليكون وطنيا شعبويا بامتياز، وأن كل هذا لن يتأتى دون أن يتم إما التعديل في شكل المجلس الرئاسي الحالي والتفكير بعمق في إحلال البديل له، أو ضمان استقلالية صانعي القرار ومنفذيه من خلال البحث لهم عن موقع جغرافي داخل العاصمة أو خارجها لا تصل إليه يد المليشيات المتنفذة، ووضع خطة لضمان تحقق آليات الإصلاح وعدم عرقلتها أو النجاح في ابتزازها.
وأشار الشريف إلى دراسة منشورة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن الدولي وألمح فيها إلى سيطرة واضحة لمليشياتٍ بعينها على العاصمة طرابلس، حيث صارت لها مراكز نفوذ، وهيمنة على كافة الوزارات السيادية ومصرف ليبيا المركزي، وأنها تحقق المكاسب من خلال تدخلها بقوة في تحصيل الاعتمادات والمضاربة، فازدادت قوةً ونفوذًا وسيطرة على الحكومة، وأن الأمر وصل إلى تورط بعض المسؤولين في إبرام صفقات مع تلك الجماعات المسلحة في تزاوج مريب بين السلطة السياسية وسلطة السلاح.
ونبًه الشريف أيضا لتقارير لجنة الخبراء التابعة للجنة العقوبات بمجلس الأمن والتي أثبتت ـ وبالمستندات ـ تورط مليشيات داخل العاصمة في التربُّح والابتزاز والحصول على مبالغ كبيرة بشكل غير مشروع.
المليشيات متغلغلة
وأكد الكاتب والصحفي عبد الله الكبير أنه بالنظر إلى نفوذ الميلشيات المسلحة، ومصالحها المرتبطة بالمضاربين وتجار العملة، وكذلك امتيازاتهم في الحصول على اعتمادات المصرف، غير مستبعد أن تكون وراء تأخير تنفيذ الإصلاحات وذلك بالضغط على المجلس الرئاسي صاحب القرار.
وبين الكبير في تصريح للرائد، أن تقارير دولية مرموقة كشفت تغلغل هذه المليشيات في كافة دوائر ومؤسسات الدولة بطرابلس، وكذلك هيمنتها على المجلس الرئاسي نظير حمايتها له.
الإصلاحات لم تدرس جيدا
في المقابل استبعد الكاتب والمحلل السياسي فرج فركاش وجود طرف من خارج الرئاسي أو المركزي له دور في تأخير تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، مرجحا أن السبب وراء ذلك عدم دراسة المجلس الرئاسي الإصلاحات الاقتصادية دراسة مستفيضة وتداعياتها على المواطن.
وأوضح فركاش في تصريح للرائد، أن السياسية النقدية يحددها المصرف المركزي وليس المجلس الرئاسي، معتبرا أن المحافظ الصديق الكبير، قد نجح في تحويل الكرة من ملعبه لملعب المجلس الرئاسي الذي يبدو أنه متردد جدا في إقرار الإصلاحات. حسب وصفه.
وأضاف أن سبب تأخر الرئاسي في تنفيذ الإصلاحات ربما يكون سببه الخوف من نتائج عكسية على حياة المواطن لو رفع الدعم عن المحروقات، ولم تتوفر السيولة ولم يتوفر النقد الاجنبي بالكمية الكافية في المصارف، لافتا إلى أن هناك إجراءات قانونية لم تحدث بعد لإجراء الإصلاحات، أهمها اتفاق مجلس الإدارة ككل في مصرف ليبيا المركزي. وفق تعبيره.