التضحيات الزكية التي بذلها الأجداد والآباء والأبناء كانت دائما لأجل طرد المستعمر أو بناء دولة ليبيا الموحدة أو إسقاط الاستبداد، ومنع رجوعه أو لمحاربة الإرهاب وهي تضحيات تستحق منا الإشادة والتخليد بمداد من ذهب.
وأما الصراعات التي تكبّد مرارتها الشعب الليبي بقتل أبنائه وضياع مقدراته فهذه يتحمل مسؤوليتها القانونية مرتكبوها يوم تقوم الدولة، فهذه الأعمال وحروب النفط لا تستحق هذه الدماء أو الإشادة بها.
إن كل الوثائق التي أعقبت التضحيات الزكية أكدت على وحدة الشعب الليبي ووحدة ترابه ومن باب صون هذه التضحيات والوفاء لها يجب الوقوف صفاً واحداً من أجل الحفاظ على هذه الوحدة ورفض أي أصوات تدعو إلى التفريط فيها مهما كانت الإكراهات لابد أن نواجه المرحلة القادمة بشجاعة ونفتح الملفات المرحّلة؛ حان الوقت للتوصل إلى نظام حكم محلي لا مركزي يمنح سلطات واسعة للوحدات الإدارية، ويمنع التهميش ويسلم مسؤوليات واسعة للوحدات الإدارية؛ لتنميتها وإدارتها في ظل حكومة مركزية قوية بصلاحيات مرتبطة بالوطن الواحد لا بالوحدات الإدارية.
ولدت ليبيا بعد تضحيات الآباء ونحن الأن أمام المحطة الثانية للتأسيس بعد عقود الحكم الجبري المستبد، وهي محطة التأسيس الواعي التعاقدي بعد أن أزاحت تضحيات فبراير كل الحواجز.
نحن أمام محطة هامة للتوافق على بناء الوطن على أساس الشراكة الحقيقية والتراضي والتوافق والتعايش السلمي بعيدا عن الاستقرار المزيف الذي يتغنى به البعض والذي فرض بالاستبداد والقمع وفرض الآراء.
حان الوقت للحديث عن الثروات، وعدالة تقاسمها، وعن صيغ التعايش التي تؤمّن لنا حياة مستقرة، وحان الوقت للحديث عن المصالحة التي تذهب بعيدا في أعماق التاريخ؛ لوقف استدعاء محطاته المرّة عند كل منعطف.