يرى مدير مركز طرابلس الطبي، د. نبيل العجيلي أن البيروقراطية والتأخر، ونقص صرف الميزانيات المخصصة، وراء تردي الأوضاع في المركز، متوقعا إعلان توقفه عن تقديم الخدمات للمرضى إن لم تتدخل الجهات المسؤولة.
وأضاف العجيلي في مقابلة أجرتها معه شبكة الرائد قائلا “صرح تعليمي، وصحي بهذه الضخامة لا يمكن بأي شكل من الأشكال ألا تكون له ميزانية إضافية.
حوار الرائد مع العجيلي بين القصور وحجم المعاناة التي يمر بها المركز، والقائمين عليه والبداية كانت:
س-ما هي أوضاع المركز المالية والإدارية؟
ج- المركز يعمل بنصف طاقته الافتراضية، والحقيقة أن تأخر الميزانية يسبب لنا عرقلة كبيرة لكننا نسير للأحسن، هناك خدمات كانت متوقفة أرجعناها، فتحنا قسم العلاج بالأشعة لبعض الأورام، وفتحنا التصوير بالرنين المغناطيسي، وأصلحنا جهاز التصوير المقطعي في قسم الأشعة، ونسعى في إصلاح القسطرة القلبية، وكل ذلك بجهود ذاتية، وتعاقدات سابقة مع شركات لم تنفذ، وبعض جهود أهل الخير.
س-كيف تجتازون ازدواج عمل الأطباء لديكم وفي المصحات الخاصة؟
ج-مشكلة الازدواج مشكلة صعبة لكن العمل في القطاع العام محدود، ولا نستطيع منع الموظف من مزاولة أي عمل خارج الدوام، وما يمكننا عمله هو الزامه بالدوام في ساعات العمل المحددة، ومعاقبته عن الغياب، والتأخر في العمل.
س- ما هو معدل العمليات الكبرى، والمتوسطة التي أجريت بالمركز الطبي منذ مطلع العام؟
ج- المركز الطبي ونتيجة لعدم توفر الميزانيات وتأخرها يعاني عديد المشاكل أبرزها تهالك البنية التحيتة؛ وبسبب ذلك فغرف العمليات البالغ عددها 20 غرفة من بينها غرفتين مغلقة نتيجة تسرب مياه المجاري، ونمو بكتيريا ضارة في أرضية بعضها الآخر، إضافة إلى الأعطال التي طالت جل الأجهزة من تخدير، وإضاءة، ونقص الإمكانيات، فالمريض يضطر لتوفير كل مستلزمات العملية حتى الخيوط الجراحية من ماله الخاص.
يضيف العجيل قائلا منذ استلامي لإدارة المركز قبل ثلاثة أشهر أسعى لاصلاح ما يمكن إصلاحه، وحاليا هناك مشروع قائم لتحديث غرف العمليات العشر ونعمل على إدخالها لحداثة القرن الحادي والعشرين لكن تنقصنا الإرادة السياسية، وتخصيص المبلغ، والدولة في وضع لا يسمح.
س-ماهو تأثير مغادرة العمالة الأجنبية؟
ج- المركز الطبي يعاني غياب العمالة الأجنبية التي غادرت، كان لدينا 1200 موظف بين تمريض، وفني، ؛نتيجة لاهمالنا وتقاعسنا في دفع أجورهم استدعتهم دولهم، وغادرو وبسبب تاخر ديوان المحاسبة في إنهاء إجراءات تعيينهم، وصرف مستحقاتهم المالية والمصرف المركزي، والمصارف التجارية في تحويل رواتبهم لذويهم في بلدانهم أنهو عملهم، وغادروا إلى بلدانهم.
أما العمالة المحلية والتي تبلغ 1000 موظف فهم من خريجي المعاهد المتوسطة بين مسعف وممرض غير مؤهلين، ولا نستطيع أن نوكل إليهم مهمة حتى إعطاء الدواء للمرضى في حين أن الخرجين من معاهد الصيدلة عددهم بسيط والإغراءات في القطاع الخاص أمامهم كبيرة، ناهيك عن عدم ثقتهم في القطاع العام، ورغم أننا حاولنا بالتجاوز أن ندفع لهم بالساعة وبأسعار منافسة لكن العزوف سببه عدم الثقة في القطاع العام.
ويوضح العجيلي أنهم لديهم حاليا 600 سرير، من أصل 1000 ولدينا فقط 100 من 1200 عمالة أجنبية هم القائمين بالعمل في المركز الطبي.
س- استعنتم مؤخرا بعمالة سودانية لكنها غادرت، لماذا وكيف تعاقدتم معها؟
ج- العمالة السودانية غادرت لسببين أحدهما عدم كفاءة البعض، ونحن من استغى عن خدماتهم، والأخر لعدم تأقلمهم في العمل، وعدم رضاهم على المرتبات، وآخرين فضلوا ترك العمل، أو التوجه للقطاع الخاص، أما عن ظروف استجلابهم فأرجح انه اتفاق بين حكومتين لم نكن طرفا فيه.
س- جل الأطباء الليبيين يهاجرون للخارج ويتركون العمل داخل البلد لماذا؟ وماهي جهودكم لاقناعهم بالعدول عن ذلك؟
ج- العروض المادية ليست السبب الحقيقي وراء مغادرة الأطباء، لكن الموضوع هو قدرات وإمكانيات أنا تخصصي عضام، وعمود فقري جئت من بريطانيا وكنت أجري عمليات كبرى هناك، وعدم توفر الأمكانيات يفقدنا مهاراتنا، الأطباء يغادرون لشعورهم بالعجز عن تقديم خدمة للمريض؛ بسبب الإمكانيات؛ ليجري الطبيب عملية في مستشفى عام “يشيب رأسه” نقص في التمريض، أو تمريض غير مؤهل، قلة إمكانيات نقص الأدوية، عدم توفر عناية ما بعد العملية، لدينا في المركز 6 غرف عناية سعتها السريرية تتراوح من 16 إلى 20 سريرا حاليا تعمل بسعة 3 أسرّة في كل عناية .
س- ماذا عن الميزانية؟ وكيف أثرت على أداء المركز؟
ج- ديون المركز الطبي على الشركات الخاصة والعامة بلغت 80 مليون دينار؛ بسببها غادرت جل الشركات، وتوقفت خدمات كثيرة بالمركز، ورغم أننا دعونا المجلس الرئاسي إلى تخصيص ميزانية لسداد الديون المتراكمة، وميزانية إضافية للتطوير والتعاقد مع شركات؛ لتحسين أداء المركز، ورغم موافقة الرئاسي على الورق لم يصلنا شي.
س- كيف ترتبت هذه الديون؟
ج- بسبب تأخر الميزانيات السابقة، وعدم صرفها في سنوات أخرى السنة الماضية وصلتنا الميزانية شهر ديسمبر، وطلبوا منا ترجيع الأموال التي لم تصرف في غضون 3 أسابيع، ووصلت ناقصة، ما وصل هو عن ثلاثة أرباع السنة فقط، صرحٌ بهذه الضخامة لا يمكن أن تحرمه من مخصصات إضافية، يقول العجيلي.
س- ماهو الجديد في قسم الأورام؟
ج- نشكر القطاع الخاص الذين مدوا لنا يد العون، فأصلحلنا المعجل النووي الخطي على حسابهم الخاص، وهو مجهود وطني، حاليا نعمل بنصف الأسرة كما كل الأقسام أغلقنا نصف العنبر في كل برج، نعمل بقدرة 600 موظف من 1300؛ نتيجة نقص التمريض المؤهل لا تزال الدولة تحاول توفير ما يمكن، ننفد في صرف أدوية الأورام بنظام الرقم الوطني، والبطاقة الخاصة للمرضى، واستطعنا توفير معظم الأدوية، هناك بعض التحسن وفي حال توفر التمريض سنفتح القسم كاملا.
س- مامدى تعاون وزارة الصحة، والإمداد الطبي معكم؟
ج- وزارة الصحة ميزانيتها محدودة، ونحن لدينا إقرار ذمة مالية مستقلة، ونشكر جهود الوزارة في توفير بعض الأجهزة، وصيانتها وتوفير بعض الأدوية التخصصية.
أما جهاز الإمداد الطبي فهو مكلف بمهام معينة حاليا، ونحن في شهر 6 ما تزال هناك عراقيل تمنع الجهاز من تنفيذ العطاءات الموجودة، وهذا يؤخر تأمين الأدوية والتطعيمات ومواد التخذير وعلاج الأورام والأعصاب في المركز، فنضطر للشراء من القطاع الخاص بأموال المتبرعين.
س – من يتبرع للمركز في العادة؟
ج- أكثر من يتبرع شركات الاتصالات ” المدار، ليبيانا، ليبيا للاتصالات، و رجال، وسيدات أعمال قاموا بمساعدة المركز.
س- ماهي الأقسام المتوقفة بالمركز؟ وفي أي سنة كان آخر تحديث للمركز؟
ج- قسم جراحة القلب هو القسم الوحيد المتوقف في المركز، ويخضع جهاز القسطرة القلبية الوحيد بصورة متقطعة للصيانة المستمرة، عانينا “الإهمال الكبير” في البنية التحتية والسبب مغادرة الشركات التي لم تحصل على مستحقاتها.
الأطباء المسجلين بالمركز 1300 منهم من ترك، ومنهم من لا يعمل، وبينهم من لا يحضر، وهناك من يداوم ولا يجد ما يفعله، فيغادر، سجلنا في شهر رمضان غياب وصل 80% ببعض الأقسام لم يحضر أحد باستثناء عدد بسيط من الممرضات.
س- هل هناك مشاريع توأمة بين المركز ومستشفيات من دول أخرى؟
ج- هناك مشروع للتوامة مع مستشفى أطفال في إيطاليا نسعى لتبادل المصلحة، وسيزور فريق من إيطالي المركز للاتفاق على كيفية التعامل معهم.
وبسبب مغادرة الشركات الأجنبية، ومحدودية إمكانيات العمالة المحلية، وعدم تعاون المصرف المركزي في فتح اعتمادات لتوريد قطع غيار للصيانة الدورية، وعدم دفع مستحقات الشركات، تعطلت نسبة كبيرة من الأجهزة بلغت قيمتها 50 مليون دولار، حاليا طرحنا عطاءً ورسى على الشركة النمساوية بعقد قيمته 5 مليون يورو، ستدفع من ميزانية المركز، وبسبب التعطيل من ديوان المحاسبة؛ لأكثر من سنة ونصف، وعدم صيانة الأجهزة لأكثر من 3 سنين لم نتمكن من إتمام التعاقد.
والأن الشركة النمساوية التي تم التعاقد معها بعد سنة ونصف لدى ديوان المحاسبة، وبسبب غياب الصيانة لهذه المدة تعطلت الأجهزة المذكورة ، وهي تعمل بكفاءة للثلاثة أشهر الماضية، والآن نحن عاجزون عن دفع مستحقاتها لعدم توفر الميزانية، لهذا هي تدرس إنهاء العقد. والان لدينا عقد الصيانة الهيدروميكانيكية الذي تمت الترسية فيه على شركة إيطالية ولاتزال الإجراءات لدى ديوان المحاسبة ولم نستطع التعاقد معها حتى اللحظة.
س- ماذا عن توطين العلاج بالداخل؟ وهل حاول المركز استغلال هذا المقترح لاعادة الحياة للمركز؟
ج- نحن نفتقر الامكانيات للمساهمة في التخفيف من تكاليف العلاج بالخارج على الوزارة التي تصرف مبالغ كبيرة عليه في حين أن المستشفيات في الداخل ينقصها التمويل والتنظيم.
حين قبلت هذه المهمة الصعبة كانت مشروطة بتوفير الميزانية بالكامل وفي وقتها وبدون بيروقراطية زايدة، وماحصل هو أنني اتسول في ميزانية المستشفى أمام كل الأبواب بسبب قوانين بالية . وأشير إلى أن المصارف التجارية تستطيع إنقاذ الوضع السي في الميزانيات، وسمعت أن لديهم 70 مليار في أرصدتها غير مستفيدة منها، طلبنا اقتراض مبلغ بسيط؛ لاصلاح المركز وللأسف الإجراءات المالية والقانون المالي يمنعنا.