بعد أن اتفقت الأطراف الليبية التي اجتمعت في العاصمة الفرنسية باريس، على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية على أساس دستوري في الـ 10 من ديسمبر المقبل قابلت هذا الاجتماع ردودا فعل محلية وإقليمية داعمة لمخرجات الاجتماع وأخرى رافضة له.
الاجتماع الذي ضم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وقائد عملية الكرامة خليفة حفتر بحضور ممثلي 20 دولة بينهم رؤساء ووزراء خارجية، كان من أجل تقريب وجهات النظر ووضع حل للأزمة الليبية.
صالح لا يعترف بنتائج باريس
ولكن سرعان ما تراجع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن مخرجات الاجتماع في تصريحات فاجأت الجميع وأثارت تساؤلات عدة من بعض السياسيين.
صالح الذي يمثل مجلس النواب الشريك الأساسي في العملية السياسية قال: إن اللجنة المشكلة من المجلس، والحكومة المؤقتة، والمصرف الموازي، وقوات حفتر، رفضت في لقاء باريس الاعتراف بحكومة الوفاق التي كانت طرفا أساسيا في اجتماع باريس، مشيرا إلى أن الترتيبات تتمحور حول السياسات الجديدة للحكومة بما يكفل إزاحة القيود التي كانت مترتبة على الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات نهاية عام 2015.
وأضاف صالح، في تصريحات إعلامية أن قائد قوات الكرامة خليفة حفتر خط أحمر وأن الحكومة المؤقتة هي “الحكومة الشرعية” المنبثقة عن مجلس النواب، معتبرا أن حكومة الوفاق الوطني هي “الحكومة الموازية والمرفوضة من قبل نواب الأمة”، وفق قوله.
مصر متخوفة من فوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في ليبيا
موقف صالح المفاجئ فسره موقف مصر تجاه إعلان باريس؛ فقد كشفت مصادر دبلوماسية مصرية في اللجنة المعنية بالشأن الليبي، أن مصر ترفض بشكل كامل مخرجات مؤتمر باريس الأخير بشأن ليبيا، مؤكدة أن الموقف المصري هو نفسه موقف الإمارات التي تعد الداعم الأهم لحفتر، والتي ترفض إجراء انتخابات في ليبيا.
وأشارت المصادر وفق ما نقله موقع “العربي الجديد”، أن “الرؤية المصرية ترى في الانتخابات مزيداً من الأزمة عبر تمكين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية والكتائب المسلحة غير الموالية لهم.
وبيّنت المصادر أن القاهرة أبلغت باريس بشكل واضح أن أي انتخابات ستجرى في الوقت الراهن ستزيد معاناة ليبيا ولن تصل إلى حل ينهي الأزمة الليبية، وتسعى لإعلان جيش موحد تحت إمرة القيادات العسكرية الموالية لمصر، في إشارة لحفتر.
الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية طرف قوي في الانتخابات
التخوف المصري أكده باحثون عرب وأجانب في ندوة عقدت في العاصمة البريطانية، ، حيث أجمعوا على أن الإسلام السياسي والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ما زالا خيارا ستصوت له الجماهير إذا أجريت انتخابات حرة وشفافة، في عددا من الدول بينها ليبيا.
واستعرض الباحثون لندن بشأن تاريخ الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، والتحديات التي تواجهها ومحاولات نقل الضغط عليها من الدول العربية، إلى العالم الغربي ووصمها بالإرهاب، لحظرها ومنعها من ممارسة أي نشاطات.
ورأى الباحثون أن مزاعم ارتباط الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالنشاطات الإرهابية، لا صحة لها، وأن لجوء عدد من عناصرها لتبني أفكار متشددة، كان مرده الظروف القاسية والتنكيل الذي تعرضوا له.
وتبقى مصر بتخوفها من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في ليبيا طرفا أساسيا في محاربة عملية الاستقرار وإجراء الانتخابات الرئاسية فيها، وتدعم قائد قوات الكرامة خليفة حفتر الموالي لها ولسياستها في ليبيا.