لا شك أن الوضع المالي والاقتصادي في ليبيا لم يتعاف بعد من الأزمة، ولم تُجدِ بيانات وإجراءات محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في معالجة التضخم الاقتصادي والحد من معاناة المواطنيين.
الكبير يعرض حزمة إصلاحات
عرض محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير نوفمبر الماضي، حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والتجارية على الجهات التشريعية والتنفيذية خلال جلسة.
وفي ذات السياق فقد اتفق مصرف ليبيا المركزي أبريل الماضي مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، على وضع مقترحات لحلول أزمة نقص السيولة وسعر الصرف خلال أسبوع.
المجلس الأعلى يمهل الكبير أسبوعا
المجلس الأعلى للدولـة أمهل مايو الماضي، محافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير” مدة أقصاها أسبوع لتنفيذ الإصلاحات الإقتصادية التي تقدم بها المجلس. مؤكدا أنه في حال لم تُنفذ الإصلاحات في المدة المُحددة سيَعقد المجلس جلسة من أجل النظر في منصب المحافظ وفقاً للمادة 15 من الإتفاق السياسي.
ورشحت أنباء عن عزم المجلس الأعلى للدولة عقده لجلسة بعد انتهاء المهلة التي منحها لمحافظ ليبا المركزي الصديق الكبير؛ لإعادة النظر في منصبه.
وفي الاتجاه ذاته ناشد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري مؤخراً أعضاء مجلس الدولة بالتعاطي الإيجابي مع قرار مجلس النواب بشأن شغل منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، لما لذلك من أثر على حياة المواطن.
العدالة والبناء يضغط على الكبير
رئيس دائرة الإعلام بحزب العدالة والبناء عبدالسلام جويد، يصرح مطلع مايو الماضي، أن الحزب لن يتردد في اتخاذ أي خطوة من شانها إنهاء طوابير “العار” ومعاناة الليبيين أمام المصارف، لكنه لم يشر إلى الكيفية لإنهاء الأزمة.
طرح عدة حلول
وقال الباحث السياسي محمد غميم إن حزب العدالة والبناء بصفته مؤسسة حزبية تتواصل مع كل الأطراف لمعالجة الأزمات وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية، مؤكدا أن قيادة حزب العدالة والبناء طرحت حلول منطقية وعاجلة لحل الأزمة الاقتصادية، والتقت عدة خبراء في الداخل والخارج وعقدت العديد من ورش العمل في هذا الشأن.
وبين غميم في تصريح للرائد، أن إنهاء الأزمة الاقتصادية يحتاج إلى تغليب المصلحة الوطنية من قبل محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، معتبرا أن المحافظ يماطل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية رغم معاناة المواطن من التضخم ونقص السيولة.
وأشار غميم إلى أن حزب العدالة والبناء من خلال كتلته داخل المجلس الأعلى للدولة بإمكانه مناقشة استحقاق منصب مصرف ليبيا المركزي خاصة بعد انتهاء المدة التي منحت له المدة الماضية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة.
ومن جانبه اعتبر المحلل السياسي السنوسي إسماعيل، أن هذه الإشارة من حزب العدالة والبناء تأتي في إطار العمل السياسي الحزبي المتعارف عليه في الدول التي تنتهج الديمقراطية أو تسير في طريقها على الأقل كما هو الحال في ليبيا، مضيفا أن ممارسة الرقابة على عمل الجهات الحكومية و المؤسسات السيادية بلا شك يساهم في حلحلة الأزمات السياسية منها والإقتصادية.
وأوضح السنوسي في تصريح للرائد، أن محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير مارس خلال السنوات الماضية سياسة تقشفية حافظت على قدر معقول من احتياطي الدولة من العملة الإجنبية في ظل انقطاع مورد النفط كمصدر وحيد تقريبا لها؛ وبعد عودة مستوى إنتاج النفط إلى مستوى قريب من الطبيعي صار لزاما عليه أن يغير سياساته ويقدم خطة جديدة للسياسة النقدية ضمن خطة سياسة مالية انتهجها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
وأشار السنوسي إلى أن قرار مجلس النواب بأغلبية 53 صوتا لتعيين محافظ جديد خطوة تسببت في جدل كبير حول قانونيتها وتعارضها مع الإتفاق السياسي وعدم إمكانية تنفيذ القرار قبل موافقة المجلس الأعلى للدولة عليها، فإن هذه النقطة بالذات هي أداة الضغط من قبل حزب العدالة والبناء على المحافظ الصديق الكبير.
المركزي قاصر في إيجاد الحلول
وبحسب مراقبين فإن كل بيانات وتصريحات الكبير منذ اندلاع الأزمة المالية، تعلل الأزمة بالانقسام وتوابعه وتقف عند ذلك، لكنه قاصر إذا ما نظرنا إلى الطبيعة المعقدة للأزمة وإلى سبل الخروج منها، فهو متقوقع حول هذا السبب ويطالب “المعنيين” بمعالجة الانقسام بالاتفاق والتوافق حتى يمكن تصحيح الأوضاع الاقتصادية، فهذا عجز يسهم في استمرار التردي المالي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي السنوسي بسيكري، في مقال له، أن الأوضاع الاستثنائية المعقدة تتطلب مقاربات استثنائية مبتكرة، خاصة إذا ما تبين أنها أوضاع استثنائية تتجه إلى فرض معادلة استقرار مختلة، وهذا يتطلب التحرر جزئيا من المشاريع المتعارف عليها في ضبط مسار الاقتصاد وعودة الوضع المالي إلى طبيعته أو التخفيف من آثاره، مؤكدا أن الصديق الكبير كان بإمكانه أن يتحرر من القيود التي تكبله كرأس المؤسسة النقدية في البلاد، وأن يشرع هو نفسه في إيجاد حالة توافقية بين كافة المؤسسات السيادية في غرب البلاد وشرقها تتعلق بحزمة مجابهة الوضع المالي المتردي والتمهيد لدرجة من الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، دون حاجة للتوافق السياسي الشامل.
وأشار بسيكري إلى أن الصديق الكبير حظي بقبول أقطاب الأزمة السياسية في الغرب والشرق (برلمان، مجلس رئاسي، مجلس دولة)، وتحصل على دعم كافٍ من الأطراف الدولية، لكنه لم يفلح في استغلال وضعه هذا لتمرير سياسات تلجم تردي العملة المحلية وتضبط انهيار أسعار السلع وأصر على المقاربة الكلية لحل الأزمة والتي تتمثل في التوافق السياسي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصاحب.
الكبير يتخبط
تراجع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، عن قراره بقصر الصرف على المرتبات والدعم، والضروري من الإنفاق، بعد أن أمهل المجلس الأعلى للدولة المركزي أسبوعا للبدء في الإصلاحات الاقتصادية.
جاء ذلك بعد كشف ديوان المحاسبة في تقريره السنوي، عن تجاوزات مالية كبيرة لمصرف ليبيا المركزي، والتي اتهم فيها الصديق الكبير باستخدم كل نفوذه لإخفاء أي بيانات عن التحويلات الخارجية والاعتمادات المستندية، والمستندات برسم التحصيل التي منحها المصرف.
واليوم أُعلن عن اجتماع سيعقد غدا الثلاثاء في تونس، بين المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي بحضور ديوان المحاسبة وبعض الجهات الدولية ، ربما لاحتواء الأزمة بين ديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي، شريطة تفعيل إصلاحات عاجلة من شأنها أن تعيد الاستقرار الاقتصادي في ليبيا ولو بشكل تدريجي.