بعد إعلانه للكم الكبير من الأموال المُهدَرة خلال السنوات الخمس، والفساد المالي الذي تشهده مؤسسات الدولة الليبية التي تابعها، ديوان المحاسبة يعزو هذه التجاوزات إلى غياب الدور الرقابي للسلطة التشريعية.
القضاء يجب أن يقول كلمته
عضو مجلس النواب، علي التيكالي، أكد ضرورة معاقبة كل من خالف وأفسد في المال العام، وعلى القضاء أن يقول كلمته في من وردت أسماؤهم في تقرير ديوان المحاسبة.
وأضاف التيكالي للرائد، أن القيمة المهدرة من المال العام غير مسبوقة، وأنه لم يكن يتوقع حجم الإهدار الوارد في تقرير ديوان المحاسبة، مطالبا بتطبيق سياسة تقشفية في إنفاق المسؤولين للمال العام.
مجلس النواب ليس وحده المسؤول
قال رئيس مركز أسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي، الخميس، إن غياب السطلة التشريعية ليس وحده السبب في ما ورد من اتهامات بالفساد والتجاوزات المالية في تقرير ديوان المحاسبة لعام 2017.
ورأى الراجحي، في تصريح للرائد، أن المساءلة الاجتماعية التي دعا إليها رئيس الديوان تعني أن ترفع المدن والمناطق دعمها عن ممثليها من المسؤولين المتهمين بالفساد في التقرير، موضحا أن وجود أجسام
موازية ساعد في تفشي الفساد.
وأضاف الراجحي أن مجلس النواب لا يراقب ولا يساءل الحكومة المؤقتة التي منحها الثقة، مع وجود شبهات فساد في وزاراتها، مشيرا إلى أن ديوان المحاسبة في طرابلس كان له الدور البارز في محاربة الفساد في غياب الدور الرقابي لمجلس النواب.
التجاوزات سببها غياب دولة المؤسسات
وعزا المحامي والقانوني محمد بارة، ما ورد من اتهامات في تقرير ديوان المحاسبة إلى عدم وجود مؤسسات دولة قائمة تراقب وتحاسب.
وأوضح بارة، في تصريح للرائد، أن من حق النائب العام فتح تحقيق في ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة من اتهامات بالفساد، وأضاف أن من حق الديوان تحويل التقرير إلى النائب العام للتحقيق في الاتهامات المذكورة فيه.
وبيّن المحامي بارة أن المهتمين بقضايا حماية المال العام يمكنهم رفع قضايا على المسؤولين المتهمين في التقرير؛ لإهدارهم مال الدولة.
انتفاء الرقابة والمتابعة أنتج الفساد
من جهة أخرى، بيّن الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي، أن من بين أسباب التجاوزات التي ذكرها ديوان المحاسبة في تقريره هو الانقسام السياسي في ليبيا، والازدواج في الإنفاق العام، وأن المؤسسات لا تعمل معا بوصفها شريكة في المسؤولية، ولكنها تعمل ضد بعضها كخصوم ومتنافسين.
وأضاف الشحومي، للرائد، أن اقرار الترتيبات المالية، رغم عدم توافقها مع القانون المالي لليبيا، والتي شارك في إعدادها ديوان المحاسبة، وزارة المالية، والمجلس الرئاسي، المصرف المركزي مجتمعين، واستندوا فيها إلى الاتفاق السياسي “المعطل أصلا”ـ كانت المخرج للإنفاق العام، مضيفا أن المسؤولية في كيفية الإنفاق من هذه الترتيبات يقع على عاتق من أقرها وشارك في صياغتها دون وجود ضمان للرقابة والمتابعة الفورية لكيفية إنفاقها، أو التدخل بإيقاف الصرف في حال وجود أي محاولة إهدار للمال العام.