يتساءل الكثير عن سبب تأييد مجموعات تنشط في مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا لممارسات قام بها الحكام العسكريين في شرق البلاد، مباركين تنحية عمداء البلديات الذين أوصلتهم صناديق الاقتراع ليكونوا ممثلين لمنتخبيهم في بلدياتهم.
ليبيا بين المدنية والعسكرة
المحامي فيصل الشريف وصف المنادين بحكم العسكر بـ”الواهمين” الذين يتصورون بأنه سيخلصهم من الإرهاب، مغفلين أن العسكر لم يكن يومًا محاربًا للإرهاب، حسب وصفه.
واستغرب الشريف في تصريح للرائد، مطالبة نوّاب اختارهم الشعب من خلال ديمقراطية انتخابية، بالحكم العسكري، مشيرًا إلى أن هؤلاء النواب لم يكونوا ليحلموا بالديمقراطية لو كان النظام العسكري قائمًا.
المجتمع المدني لا ينمو تحت حكم العسكر
من جهة أخرى، أوضح الكاتب والصحفي عبدالله الكبير، أن من يدعو لعسكرة الدولة بعد هذه التجربة المريرة والقاسية من حكم العسكر لليبيا، ولأغلب البلدان العربية، لا يمكن اعتباره من دعاة أو نشطاء المجتمع المدني.
وأكد الكبير للرائد، أن المجتمع المدني لا يمكن أن ينمو ويزدهر تحت حكم العسكر، مبينًا أن المجال العام برمته سيكون مقفلًا تمامًا أمام أي دعوات للإصلاح أو احترام حقوق الإنسان أو صيانة الحريات وغيرها من نشاطات المجتمع المدني.
مؤسسات مدنية هشة انجذبت سريعًا للاستقطاب
أوضح مدير مركز بيان للدراسات نزار كريكش، أنه لم تكن في ليبيا أي قاعدة اجتماعية لتكوين منظمات تعبّر عن إرادة المجتمع أو مدنيته، مبينًا أن أغلب المؤسسات جاءت بشكل طوعي بعد ثورة 17 فبراير، لكنها ليس حركات اجتماعية أو مؤسسات بالمعنى الحقيقي.
ولفت كريكش، في تصريح للرائد، إلى أن تلك المؤسسات التي وصفها بالهشة، سرعان ما تلقفت حالة الاستقطاب في ليبيا، موضحًا أن بعض تلك المؤسسات كان يتألف من مجموعة من الشباب الصغار الذين تأثروا بكبار السن من الغارقين في التجاذب الأيديولوجي؛ ولذلك كان الانتصار على الآخر هو الأساس، وليس الحفاظ على مدنية الدولة أو المشاركة السياسية.
يشار إلى أن الحاكم العسكري عبد الرازق الناظوري المعين من مجلس النواب أصدر عدة قرارات أقال بموجبها عمداء بلديات في شرق ليبيا، وعيّن عسكريين خلفًا لهم، وهو ما رفضه المبعوث الأممي آنذاك مارتن كوبلر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج.