بعد أكثر من عامين على حصارها وتضييق الخناق عليها، ومع كل ما تعانيه من نقص في الأغذية، والأدوية، والمحروقات، والخدمات، تجيّش قوات حفتر أسلحتها العسكرية والإعلامية معلنة نيتها اقتحام درنة، بدعوى “تطهيرها من الجماعات الإرهابية” التي تتحصن في جبالها، مع أن أبناء درنة هم من طردوا تنظيم الدولة من مدينتهم.
اقتحام درنة أولوية لمصر
كشف رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن التجهيز لعملية عسكرية لاقتحام درنة يُنسق لها مع السلطات في مصر؛ لأنه أمر يهمها، ولها الأولوية فيه، وفق قوله.
وقال صالح، في حوار مع صحيفة اليوم السابع المصرية، الاثنين، إن العملية العسكرية لما وصفه بتحرير مدينة درنة يمثل أولوية لمصر؛ حتى لا تفر من سمّاها “المجموعات الإرهابية” المتمركزة في المدينة، إلى الأراضي المصرية، وفق قوله.
قرار فردي
ورجح عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، أن يكون كلام صالح رأيًا وليس قرارًا من المجلس، موضحًا أن مجلس النواب لم يعقد أي جلسات لمناقشة هذه العملية العسكرية، مؤكدًا أن مدينة درنة لا تحتاج لمثل هذا القرار، حسب رأيه.
وأضاف أوحيدة، في تصريح للرائد، الثلاثاء، أن مثل هذه القرارات ليست من اختصاص رئيس مجلس النواب، متوقعًا أن يكون الحديث رأيًا شخصيًا لرئيس المجلس، وليس توجهًا لجميع أعضائه، وفق قوله.
صمت النواب عن تصريحات عقيلة مستغرب
من جهة أخرى، لم تستبعد عضو المجلس الأعلى للدولة نجاة شرف الدين هذا التصرف من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح؛ لأنه في منصب يجعل كل ما يصرّح به موضع المسؤولية، مشيرة إلى أن أغلبية أعضاء مجلس الدولة يدينون هذا التبرير، وفق قولها.
وأضافت شرف الدين، في تصريح للرائد، الثلاثاء، أن مجلس الدولة يرفض تمادي صالح، ويستغرب صمت أعضاء النواب المنقسمين الذين لم يكلفوا أنفسهم حتى إصدار بيان أو استنكار يبرّئون به أنفسهم من مثل هذه التصريحات والقرارات المتتالية التي يتخذها صالح بعيدا عنهم، بحسب وصفها.
وأوضحت شرف الدين أن الأمر يستلزم التواصل مع المجلس الرئاسي؛ لاتخاذ إجراء يمنع التدخل في السيادة الليبية، مشيرة إلى أن مجلس الدولة تواصل، الاثنين، مع الصليب الأحمر؛ لأن الأمر يتعلق بحقوق الإنسان، مضيفة أنهم يجرون اتصالات مع المجتمع الدولي بخصوص درنة المحاصرة لـ “منع كارثة إنسانية” تصيب أهلها، مشددة على ضرورة التحقيق في كل التجاوزات التي تحدث فيها.
ولفتت عضو المجلس الأعلى للدولة إلى أن هذا التصريح يتزامن مع تجهيزات المدينة المحاصرة للاحتفال بذكرى ثورة 17 فبراير، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراء عاجل يمنع قصف المدينة وأهلها، وفق شرف الدين.
تصريحات صالح غير مستغربة
ويرى رئيس مركز أسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي، أن ما يقوم به عقيلة صالح ومنذ اليوم الأول هو تنفيذ “إملاءات مصرية لمشروع مصري يتضح من عرقلته للاتفاق السياسي”، وفق تعبيره.
وأضاف الراجحي، في تصريح للرائد، الثلاثاء، أن صالح “يستقي تعليماته من اللواء عمر نظمي نائب رئيس المخابرات المصرية” المقيم سابقًا في المرج، معتبرًا أن وجود اللواء نظمي في معسكر الرجمة، هو لشن حرب في ليبيا، وإثارة الفوضى فيها، مؤكدًا أن الأمر لم يكن غريبًا فقد سبقه إليه خليفة حفتر حين قال، إنه مع أي قرار مصري حتى لو كان ضد ليبيا، وفق تعبيره.
وأوضح الراجحي أن حفتر وعقيلة ينفذان مصالح مصر في ليبيا، مطالبًا المجتمع الدولي والمجلس الرئاسي المعترف به دوليًا، بالتدخل ووقف هذه الحرب غير المبررة على درنة المحاصرة منذ أكثر من عامين.
وبيّن رئيس مركز أسطرلاب للدراسات، أن عقيلة صالح وعد، في اجتماع سابق مع أعيان درنة، بالتوصل إلى اتفاق وحل المشاكل العالقة دون حرب، مرجحًا “أن رأيه تغيّر بعد ذهابه لمصر”، وبحسب المجتمع الدولي والخارجية المصرية، فإن الممثل لليبيين هو المجلس الرئاسي، وهذه التصريحات ينقصها موافقة أعضاء البرلمان، وفق الراجحي.
يذكر أن حملة إعلامية، يتصدرها مشايخ تيار ديني في المنطقة الشرقية، تحرّض قوات حفتر على اقتحام مدينة درنة بدعوى وجود “خوارج، وإرهابيين” داخلها.