in

أيها الساسة.. «لا اجتهاد مع النص»

“اشنقوا الصديق ومن بعده الحبري وألحقوا بهما الشكري ولكن لا تدوسوا الاتفاق السياسي” هذا ما قلته لصديقي، أحد أعضاء المجلس الأعلى للدولة، أثناء نقاش حاد حول ما أقدم عليه مجلس النواب من إجراء أحادي الجانب.

يبحث مجلس الأعلى للدولة عن مخرج للورطة التي وضعهم فيها مجلس النواب، الذي صوت يوم الثلاثاء الموافق 19 ديسمبر 2017م، على تعيين الأستاذ محمد عبدالسلام الشكري، محافظاً لمصرف ليبيا المركزي، بالمخالفة للاتفاق السياسي، الذي دخل حيز النفاذ، منذ توقيعه في مدينة الصخيرات، منذ سنتين ولم ينفذ.

ثلاثة قبل ثلاثة

قبل أن أضع أمام المجلسين مخارج سياسية ثلاثة، تستند على أرضية دستورية وقانونية صلبة، أود أن أسجل ثلاث قناعات أنطلق منها، وعلى أساسها بنيت هذه المخارج، ويشاركني فيها أساتذة كبار في القضاء، والقانون والسياسية:

  • الاتفاق السياسي تم تضمينه في الإعلان الدستوري بتاريخ 4 أبريل 2016م قولاً واحداً. وأدعوا من يخالفني من أعضاء مجلس النواب إلى التحاكم إلى القضاء للفصل في هذا الأمر إن كانوا يملكون الحجة.
  • أن زمن العبث بتطبيق المادة (15) قد ولى أوانه، وقد انتظركم الشعب الليبي سنتين، ولم تفعلوا شيئاً، واليوم تشيدون حوائط المبكى على المواطن الليبي، الذي خذلتموه، وتظهرون أنكم تفعلون ذلك من أجله!!. المواطن الليبي الذي لم يتسنّ له الوصول إلى حلاله بالمصارف من جراء انقساماتكم، وتلكئكم في تنفيذ الاتفاق السياسي. يا سادة! الشعب الليبي يريد منكم الرحيل المشرف بوضع خارطة لزوال مدتكم التي لا نرى لها نهاية.
  • الإعلان الدستوري ينص بعباراته الصريحة؛ أن الشعب الليبي ينتخب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وقد تم ذلك. وينص أيضا أن تقوم الهيئة التأسيسية بصياغة مشروع الدستور، وقد قامت مشكورة بذلك. ثم نص الإعلان الدستوري على أن يعرض هذا المشروع على الشعب الليبي، فبأي حق تمنعون هذا الشعب من الإدلاء برأيه؟

المادة (15)

لا شك أن المادة مستحيلة التطبيق، ولا أدري حين تمت صياغة الاتفاق السياسي، هل كان صائغوه يطمعون إلى أن يصل التوافق حدا يمكّن المشرع من تطبيق هذه المادة، أم أن الغرض منها أن تنشغل الأجسام المنبثقة عنه، بالمهمة الأهم وهي إنهاء المرحلة الانتقالية، بدلاً من انشغالها في تقاسم المناصب التي ليست من مهام السلطات المؤقتة؟

المادة وضعت آلية للتشاور والتوافق حول شاغلي المناصب السبعة المذكورة في المادة، وذلك بأن يوافق المجلس الأعلى للدولة على التعيين بالأغلبية المطلقة، ويوافق مجلس النواب بثلثي أعضائه،، نقطة أول السطر.

وبالتالي يُعد الإجراء الذي قام به مجلس النواب منعدما الأثر وكإن لم يكن.

المخرج الأول

إداركاً من المجلس الأعلى للدولة لأهمية التوافق، يقوم بالتصويت على تعيين الأستاذ محمد عبدالسلام الشكري، إذا تحصل على الأغلبية المطلقة، ويرسل بذلك إلى مجلس النواب، ويفيده بأن المجلس الأعلى للدولة وافق على تعيين الشكري محافظاً لمصرف ليبيا المركزي؛ شريطة الالتزام بما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (15)، بحصول المترشح لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، لاحظ ثلثي الأعضاء وليس ثلثي الحاضرين، وإلا يبقى الأمر على ما هو عليه.

المخرج الثاني

أن يدرك كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة أنه لا يمكن تطبيق هذه المادة، ويتفقا على تعديلها طبقاً للمادة (12) من الأحكام الإضافية، وهذا ينطبق عليه المثل الليبي الدارج بتصرف “راجي لين يجيك الزيت من طبرق”.

المخرج الثالث

أن تدركوا المأزق الذي ورطتم فيه هذا الشعب، وتستدركوا قبل الفوات، بأن تمنحوا الشعب الليبي حقه في الاستفتاء على مشروع الدستور، من خلال إصدار قانون للاستفتاء، والإسراع في إنهاء المرحلة الانتقالية، وترك أمر هذه المناصب إلى الأجسام الدائمة لتقوم بالإعفاء والتعيين ثم تحاسب السابق واللاحق.

لا اجتهاد مع النص

لا يعلم الكثيرون أن القضاء يتعامل مع النصوص، ولا يتعامل مع الأقوال والآراء السياسية، وأن القانون أعطى لكل ذي مصلحة، حق الطعن في التطبيق المخالف للنصوص.

يفكر البعض في تقاسم (المغانم)، بأن يعين هذا المجلس هذه المناصب، ويعين المجلس الأخر هذه المناصب، وهذا عبث لا يجيزه نص، كما إن النصح الفلسفي بعدم الوقوف عند الشكليات، أو الحديث عن تفسير النصوص بالحقيقة وليس بالظاهر، أو أن العبرة بروح الاتفاق وليس بنصوصه، فإن فقهاء القانون قد فصلوا في هذا الأمر، بأنه لا اجتهاد مع النص، فعليكم بتطبيق النصوص أو تعديلها.

الأولى للساسة نصح المجلسين بإنهاء المرحلة الانتقالية وسرعة رحيلهم عن المشهد السياسي، من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور، وإصداره، وإجراء الإنتخابات استناداً عليه، وتسليم السلطة، في أقرب الآجال.

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.

حفظ الله ليبيا

____

المصدر/ موقع عين ليبيا .

كُتب بواسطة raed_admin

مستشفى الحروق بطرابلس يستأنف العمل بجهاز الرنين المغناطيسي

حكماء تاورغاء: نرفض تسكين عائلات المدينة في غير مدينتهم