يتكرر ذكر “الزبيب” في التراث والطب الشعبي، ولكن حديثاً بدأت الدراسات التغذوية الإكلينيكية تتحدث أيضاً عن الزبيب، فما سرّه وما الذى تقدمه لنا من فوائد طبية وتغذوية؟
أولاً: ما هو الزبيب؟
الزبيب بكافة ألوانه الجميلة، الأصفر والأسود والبني، ما هو إلا عنب قد تم تجفيفه إما في الشمس أو عن طريق مجففات خاصة، ويمتلك بداخله مخزوناً وافراً من المغذيات أكثر مما ينبىء عنه حجمه الصغير.
وعندما يتم تجفيف العنب لإنتاج الزبيب، تصبح المغذيات أكثر تركيزاً، مما يجعل حفنة من الزبيب وجبة خفيفة غنية ومغذية، فهي تتفق مع الفواكه في كونها عالية المحتوى نسبياً من الطاقة والسكريات، كما تحتوي على البروتين وتخلو تقريباً من الدهون وتحوي الكثير من الفيتامينات والمعادن والسكريات ومنها:
– المعادن: الكالسيوم، الفوسفور، البوتاسيوم، الحديد، المنجنيز، الصوديوم، الزنك، النحاس، الفلورايد، البورون والسيلينيوم.
– الفيتامينات: فيتامين ك، ج، هـ، ب1-2-3-5-6-7-9, الكولين والبيتان، كما تحتوي على 18 حمضاً أمينياً.
ويتميز الزبيب عن غيره بهذه العناصر:
– البورون
الزبيب هو من المغذيات الغنية بمعدن البورون بتركيز2.2 ملغم لكل 100غم، والبورون هو من العناصر الأساسية لنمو وصيانة العظام والمفاصل والغضاريف فهو يؤثر إيجابياً على فيتامين (د) والكالسيوم، كما يحد من الجلطة.
وأظهرت الدراسات السريرية أن للبورون تأثيراً وقائياً وعلاجياً على هشاشة العظام والتهاب المفاصل، عن طريق الحد من فقدان الكالسيوم في العظام وخاصة للنساء بعد انقطاع الحيض.
– الألياف
أثبتت الدراسات السريرية أهمية الألياف للوقاية من أمراض القلب، السكري، البدانة، الإمساك وسرطان القولون.
والزبيب من مصادر الألياف الجيدة بنوعيها -القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان- ويساعد تناوله على تلبية الإحتياجات اليومية من الألياف الغذائية، والتي عادة ما تكون دون المستوى في الغذاء الغربي السريع الذي أصبح سائداً في المجتمع العربى للأسف، ويتميز النوع المجفف في الشمس عن غيره في مستويات الألياف.
– حمض الطارطاريك Tartaric acid
بالإضافة إلى غناه بالألياف التي تقي من السرطان، فقد تبين أن العنب والزبيب هما من الثمار القليلة التي تحتوي على مستويات كبيرة من حمض الطارطاريك بمقدار 2.0 – 3.5 غم لكل 100 غم.
وعلى عكس أحماض الفواكه الأخرى (مثل حامض الماليك وحامض الستريك)، فإن حمض الطارطاريك يتجاوز الأمعاء الصغيرة إلى القولون حيث يتخمر بواسطة البكتيريا منتجاً الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وتلعب هذه الأحماض دوراً هاماً ليس فقط في صحة القولون بل لصحة الإنسان ككل، وهو بذلك يعتبر من أفضل البريبايوتيك.
– البوليفينولات polyphenols
الزبيب مصدر ممتاز للبوليفينول، وهي المواد الكيميائية النباتية ذات الصيت الواسع كمضادات للأكسدة، تحمي الخلايا من الشيخوخة والموت، وتخلص الجسم من المعادن الضارة.
كما يمكنها تعديل النشاط الأنزيمي ومنع الانقسام الخلوي غير الطبيعي وهي بذلك تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان وهشاشة العظام، وبعض الأمراض العصبية، ومرض السكري والالتهابات.
– الإستروجين النباتي phytoestrogens
يحتوي الزبيب على مواد نباتية شبيهة بالإستروجين مثل ديادزين وجينيستين (Daidzein وgenistein)، بالإضافة لكونهما من مضادات الأكسدة، فهي تؤثر على الدورة الحيوية داخل الخلية.
ولذلك فهي تلعب دوراً فعالاً في الوقاية ضد السرطانات خاصة سرطان الثدي والبروستاتا، مع انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والأشهر من ذلك هو قدرتها على تخفيف أعراض انقطاع الطمث لتشابهها مع الإستروجين.
وفي دراسة لمقارنة تركيزات الديادزين والجينيستين في 36 نوعاً من الفواكه والمكسرات، وُجد أن الزبيب من أغنى المصادر إذ يحتوي على 1.84ملغم لكل كيلو غرام تقريباً، بينما متوسط محتوى الأطعمة الأخرى ما بين 0.250 و0.1 ملغم لكل كيلوغرام.
مما سبق نستطيع أن نتوقع فوائد حفنة الزبيب الجمّة… ومنها:
1- مقاومة السرطانات
بالإضافة إلى الألياف تحتوي الفواكه المجففة ومنها الزبيب على البوليفينولات والفلافونويدز، وهي مواد مضادة للأكسدة أقوى من تلك الموجودة في بعض الفواكه الطازجة، إذ تمنع الجذور الحرة من التسبب في تلف الخلايا داخل أجسادنا وتحد من النمو التلقائي للخلايا السرطانية وكذلك انتشاره إن وجد، وتأثيرها أكثر وضوحاً على سرطان الثدي والبروستاتا.
2- وقاية وقوة للرياضيين
النشاط البدني المكثف يزيد من امتصاص الأوكسجين مع إمكانية تكوين الأوكسجين الحر الذي يسبب ضررا على الجزيئات الحيوية الكبيرة، مثل البروتينات والحمض النووي DNA، وهو ما يسمى الإجهاد التأكسدي الذى يؤثر على أداء الرياضي على المدى البعيد.
ويعتبر الزبيب عامل وقاية ضد تلف الحمض النووي خلال النشاط البدني المكثف من خلال مواجهة الإجهاد التأكسدي، و170 غم من الزبيب قبل وأثناء التمرين يخفض الإجهاد التأكسدي بشكل ملحوظ.
ونظراً لكون الزبيب أحد الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات وذات مؤشر جلايسمي متوسط، فهو يعزز القدرة على التحمل والأداء عند تناوله إما قبل أو خلال ممارسة الرياضة إذ يساعد على الحفاظ على مستويات السكر في الدم، وهو مثالي كوجبة خفيفة قبل التمرين (snack) لتوفير الطاقة المستدامة وضمان الأداء الرياضي الأمثل.
3- أمراض القلب والشرايين
أظهرت الدراسات أن 2 أوقية (56 غم) من الزبيب يومياً لمدة 4 أسابيع خفضت مستويات ox-LDL، مما يقلل من خطورة الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وذلك لاحتوائه على الألياف والبوليفينولات.
كما إنه غني أيضاً بالبوتاسيوم، وهو المعدن الرئيسي لوظائف الخلايا والأنسجة وتوافره بالنظام الغذائي يحد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. وإضافة الزبيب إلى النظام الغذائي اليومي أدى إلى انخفاض مستويات الكولسترول الكلي وقليل الكثافة (الضار) والحد من الالتهاب.
وتشير بيانات جمعية القلب الأميركية في عام 2012 إلى أن الأفراد الذين يعانون من زيادة خفيفة في ضغط الدم يمكن أن يستفيدوا من الاستهلاك الروتيني من الزبيب (ثلاث مرات في اليوم).
4- صحة الفم والأسنان
خلافاً للمعتقد السائد، فإن الزبيب غذاء ممتاز لصحة الأسنان واللثة، وتشير الدراسات الحديثة أن الزبيب يحتوي على خمسة مركبات هامة لصحة الفم، فهي تمنع نمو البكتيريا وخاصة العقدية (Streptococcus mutans) التي تسبب التسوس وبورفيروموناس (Porphyromonas gingivitis) التي تسبب التهاب اللثة.
5- علاج النحافة
في حين أن عملية تجفيف العنب لا تضيف مزيداً من السعرات الحرارية إلى الزبيب، إلا إن فقدان المياه يزيد السعرات الحرارية المتواجدة في حجم أصغر، فبينما يحتوي كوب واحد من العنب على 103 سعرة حرارية فقط، يحتوي كوب الزبيب على 493 سعرة حرارية تقريباً – أي ما يعادل 5 أضعاف الطاقة تقريباً، وذلك قد يساعد فى علاج النحافة.
أما تناوله باعتدال فلا يسبب زيادة الوزن، لاحتوائه على مجموعة من العناصر الغذائية الأساسية الهامة ومنها الألياف.
6- ممتاز للهضم وعلاج الإمساك
لاحتوائه على الألياف بنوعيها، فإن الزبيب ممتاز للقناة الهضمية فهو يقاوم الإمساك ولكنه لا يسبب الإسهال، وكوب واحد من العنب يحتوي على 1 غرام من الألياف بينما كوب واحد من الزبيب يحتوي على 7 غرامات من الألياف.
7- عظام جيدة
الزبيب مع غناه بالبورون هو أيضاً يحتوي على كميات جيدة من الكالسيوم الهام لـ صحة العظام كما يساعد فى الوقاية من التهاب المفاصل.
8- دوره مع مرض السكري
كثرت الدراسات مؤخراً عن علاقة الزبيب بالتحكم في السكري، وعلى عكس المتوقع كانت النتائج إيجابية، فقد وجد أن الاستهلاك الروتيني للزبيب الداكن مقارنة بالوجبات الخفيفة (snacks) الأخرى أعطى انخفاضاً أكثر فى مستويات السكر فى الدم مع انخفاض ضغط الدم، وكلها علامات صحية لمرضى السكرى من النوع الثاني، ولكن ذلك فقط عندما نتناوله باعتدال.
كيف نتناول الزبيب؟
في الحقيقة يمكن أن نتناوله بكل الطرق:
– كوجبة بينيّة خفيفة.
– مع الأطباق الرئيسية مثل الأرز والمكرونة.
– مع الحلو مثل البودنج والقرع.
– في المعجنات مثل الكيك والبسكوت.
– مع السلطة وسلطة الفواكه.
– مع حبوب الإفطار من الذرة والشوفان.
– مع المكسرات والبذور الأخرى.
– وأفضل طريقة هى تناوله بعد نقعه في الماء عدة ساعات إذ يسهل امتصاص المعادن والفيتامينات بسبب النقع.