انتخاب مجلس النواب، الثلاثاء، لمحافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي يفتح الجدل مجددا حول شرعية قراراته في ظل امتناعه عن تضمين الاتفاق السياسي الليبي، والذي يفرض في مادته 15 تشاورا مسبقا بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قبل اختيار من يشغل منصبا سياديا.
تصويت مجلس النواب واختياره لمحمد الشكري محافظا جديدا لمصرف ليبيا المركزي في جلسة رسمية، أمس الثلاثاء، بمقر المجلس في طبرق أثار ردود فعل واسعة، كان أبرزها رد البعثة الأممية إلى ليبيا، والمجلس الأعلى للدولة، والمصرف المركزي في طرابلس.
البعثة تطالب بتضمين الاتفاق السياسي ومشاورة الأعلى للدولة
أفادت بعثة الأمم المتحدة الأربعاء، بأن المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي تفرض على مجلسي النواب والدولة التشاور قبل اختيار من يشغل أي منصب سيادي في الدولة.
وأضافت البعثة، وفق حسابها الرسمي بتوتير، أنها علمت باختيار مجلس النواب محمد الشكري محافظا لمصرف ليبيا المركزي، لكنها تذكّر مجددًا على الالتزام بمواد الاتفاق السياسي الساري المفعول.
وأكدت البعثة أهمية توحيد المؤسسات الليبية، مشددة على ضرورة تجنب اتخاد قرارات منفردة، والإخلال بتطبيق مواد الاتفاق السياسي.
المصرف المركزي يرفض قرار مجلس النواب بتعيين محافظ جديد له
أعلن مصرف ليبيا المركزي، الثلاثاء، رفضه قرار مجلس النواب باختيار محافظ جديد للمصرف.
وأوضح المركزي، في بيان نشر على صفحته الرسمية بفيسبوك، أنه يتسمك بمقتضيات الاتفاق السياسي، مشيرا إلى أن الاتفاق هو المرجعية الأساسية والوحيدة للسلطات، وما يصدر عنها، وهذا ما خالفه مجلس النواب، وفق البيان.
وبيّن المركزي أن موقفه “ليس تمسكا بوظيفة أو دفاعا عن موقع، ولكنه احترام وتطبيق لوثيقة الاتفاق السياسي”، معتبرا أنها الوثيقة الأساسية والوحيدة التي تنظم إدارة الدولة، وفق بيانه،
موسى فرج: ما قام به مجلس النواب خرق للاتفاق السياسي
من جهته قال رئيس لجنة تعديل الاتفاق السياسي بالمجلس الاعلى للدولة موسى فرج للرائد، الاربعاء، ان اختيار مجلس النواب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي منفردا دون الرجوع للمجلس الأعلى للدولة هو خرق للاتفاق السياسي.
ودعا فرج مجلس النواب إلى تصويب هذا الإجراء والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة في كل الوظائف السيادية وفقا لما نص عليه الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية في مادته 15.
وأضاف فرج أن المجلس الاعلى للدولة منذ مدة وهو يحاول دعوة مجلس النواب للعمل على تنفيذ المادة 15 الخاصة بالمناصب السيادية.
بعيرة يدعو إلى إنهاء الانقسام السياسي
عضو مجلس النواب أبو بكر بعيرة وفي تصريح للرائد عزا الخلاف الدائر حول تعين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي إلى استمرار الانقسام السياسي في ليبيا، داعيا الجميع الى انهائه اذا ما ارادوا اجراء اصلاحات حقيقية للخروج من الازمة التي تعاني منها البلاد بحسب مضيفا أنه لا يمكن الوصول إلى أي اتفاق حتى فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا في ظل هذا الانقسام.
صلاح الشلوي: على مجلس النواب الجلوس مع الأعلى للدولة لإعادة هيكلة المؤسسات السيادية
من جهته اعتبر المحلل السياسي “صلاح الشلوي” قرار مجلس النواب بتعين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي هو وصول لما كان اتفاق الصخيرات قد حدده من ضرورة إنهاء الانقسام السياسي، والمحافظة على الدولة ضد العسكرة، إلا أنه ينبغي ألا يتفرد طرف دون آخر من أطراف الصراع في ليبيا باتخاذ القرار، وفق تعبيره.
وأوضح الشلوي أن جميع المؤسسات السيادية تحتاج لاعادة توازن، بصياغات ذات طبيعة توافقية، تختص بحانب السيادة في الدولة.
وأوضح الشلوي أن مجلس النواب تجاهل هذه الحقائق لفترة طويلة، ولم تكن لديه القدرة على فهم خطاب المجتمع، ومن أجل ذلك فهو مدعو اليوم للجلوس مع المجلس الأعلى لحل مشكلة المؤسسات السيادية وفق اتفاق الصخيرات ومعالجة أوضاعها من خلال ما قرره الاتفاق السياسي، الإطار الوحيد وفق الموقف الذي تبناه مجلس الأمن في بيانه الأخير يوم 14 ديسمبر2017.
وقال الشلوي إن قررات مجلس النواب المنفردة لا تعبتر ذات قيمة قانونية ولا دستورية ما لم تتم وفق الآليات التي نص عليها الاتفاق السياسي، الأمر الذي يتطلب بالضرورة تشكيل لجنة مشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى تقرر كيف تعالج أوضاع المؤسسات المعنية بشكل توافقي كما نص على ذلك في أكثر من موضوع من اتفاق الصخيرات، وهكذا فقط سيتمكن البرلمان من القيام بهذه الأعمال التي قرر الاتفاق السياسي أنها يجب أن تعكس التوازن بين كل الأطراف، غير ذلك لا يعدو كونه زوبعة في فنجان، بحسب وصفه.
هذا وينص الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية عام 2015 على أن يقوم مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وفقا للآلية المنصوص عليها بالملحق رقم 3 لهذا الاتفاق بهدف الوصول لتوافق حول شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية السبعة، وهي محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئاسة ديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا، والنائب العام.