in

الكرامة.. كمشروع ثراء فاحش لحفتر وأبنائه

قبل انطلاق عملية الكرامة في بنغازي منتصف مايو 2014 بحوالي شهرين جاء خليفة حفتر وبعض مرافقيه الفارين عبر الصحراء من طرابلس بعد إعلانه الانقلاب العسكري والذي عرف بالانقلاب التلفزيوني، خوفا من القبض عليهم من قبل الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية بعد إصدار مذكرة قبض في حقه من وزير الدفاع عبدالله الثني، وكانت وسيلة الهروب التي سلك بها فيافي الصحراء، سيارات مدنية بحسب شهادة العقيد منصور المزيني العبيدي، الذي كان يومها أحد مرافقي حفتر.

وقد نجوا من القبض بأعجوبة، ولم يكن يملك حفتر ومن معه سوى أسلحتهم الشخصية، خصوصا إذا علمنا أن كل العتاد العسكري الذي قام حفتر بتجميعه في أحد المعسكرات بطريق المطار في طرابلس تمت مصادرته من قبل قوات المجلس العسكري لمدينة الزنتان، وكان بكميات كبيرة جدا حوت أعدادا من السيارات المصفحة والدبابات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وكميات ضخمة من الذخائر.

يوم وصل حفتر لضواحي بنغازي لم يكن في استقباله سوى رجلين من رجال الأعمال من قبيلة العواقير، وهما العمروني، وعلي القطراني، الذي لم يكن يومها عضوا بمجلس النواب، ولا نائبا لرئيس المجلس الرئاسي، وبحسب تصريح لحفتر في لقاءه مع عدد من القيادات الشعبية القبلية بمدينة المرج بعد توقيع اتفاق الصخيرات المغربية، والذي أشاد فيه حفتر بعلي القطراني، وكيف أن القطراني دعمه وأواه، ووفر له الأمن والأموال حيث قدم له، وكدفعة أولى مليون دينار، أي ما يعادل في ذلك الوقت أكثر من 700 ألف دولار أمريكي، وعددًا من السيارات العسكرية والسلاح.

وبعد أشهر قليلة تحصل، علي القطراني على عقد مع قيادة الرجمة لتصبح أحد شركاته هي مسؤولة توريد المؤن الغذائية، التي تدر عليه الكثير من الأرباح.

وأعتقد أنه في هذه المرحلة من عملية الكرامة لم يتم تبنيها وتبني قائدها من قبل رجل محمد بن زايد، حاكم أبوظبي، القيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان.

وكان الدعم المالي منذ مطلع شهر أبريل 2014، وحتى موعد انطلاق العملية، دعما ضعيفا، إلى أن باشر مجلس النواب وحكومته بقيادة عبدالله الثني، أعمالهم نهاية سبتمبر 2014، وفي يناير 2015 تم تكليف حفتر قائدًا عامًا لما يسمي القوات العربية الليبية، وخلال أقل من سنة تم تحويل ما قيمته 1.3 مليار دينار بحسب تصريحات عبدالله الثني أمام مجلس النواب بطبرق.

رغم دعم النظام الإماراتي والمصري لحفتر، والأموال الضخمة التي تحصل عليها من حكومة الثني، نلاحظ أن عملية الكرامة في هذه الأيام تواجه مصاعب مالية جمة، وقرارات حفتر الأخيرة بالاستحواذ على الكثير من مشاريع الدولة بالمنطقة الشرقية والجفرة، والتي كان آخرها استحواذه على مشروعي الكفرة والجفرة الزراعيين المملوكين للدولة الليبية، بالإضافة إلى احتكاره تموين سفن الشحن القادمة لميناء بنغازي بالطعام والشراب والوقود، هذه الخطوة كانت وراء قرار إغلاق ميناء طبرق ودرنة عسكريا؛ ليكون ميناء بنغازي الميناء الوحيد بالمنطقة الشرقية.

ولكي يتمكن عبر ميناء بنغازي من جني الكثير من الأموال خصوصا، أن تكلفة صفقات خدمات سفن الشحن تتم بالدولار أو اليورو، فتكلفة لتر وقود الديزل “النفطة” بـ 15 قرش، ويباع لسفن الشحن بحوالي 2دولارين، أي أكثر من 17دينار ليبي.

أيضا هناك تقارير دولية تشير إلى أن قوات حفتر تعمل في مجال الهجرة غير الشرعية فهي المسؤولة عن حوالي 60% منها، والتي تدر أرباحا تقدر بين 5 و7 مليون دولار أسبوعيا في فترة الذورة، أي فترة منتصف فصل الربيع حتى فصل الخريف، ناهيك عن عمليات نهب ممتلكات المهجرين من أبناء بنغازي، من كبار التجار وأصحاب رؤوس الأموال، والتي تمت السيطرة عليها بإشرافٍ مباشر من نجله صدام وزوج ابنته، أيوب الفرجاني.

هذا وكشفت المكالمة المسربة بين ابن عمه، الذي يشغل آمر هيئة السيطرة في عملية الكرامة، عون الفرجاني، والقيادي بالقوات الخاصة، محمود الورفلي، أن عملية مصادرةٍ تمت لكميات كبيرة من الرخام الخام، والتي تقدر بحوالي 20 مليون دينار، وأيضا كشفت عن شُحٍ في الأموال، حيث أشار الورفلي إلى أن القوة التي يقودها عليها ديون من التجار تقدر بحوالي 2 مليون دينار، وأن قيادة الرجمة لا تحول لهم الأموال، ولا تولي اهتماما بعلاج الجرحى.

والسؤال هنا، أين ذهبت كل هذه الأموال المنهوبة، والتي تقدر بالمليارات؟!

أعتقد أن الأموال قد ذهبت في اتجاهين:

الاتجاه الأول، هو الفساد، فالأخبار المنتشرة بين أبناء المنطقة الشرقية، تقول إن عددا من قيادات الكرامة تقوم بشراء الفلل، والمزارع الكبيرة في بنغازي والمرج وشحات، والشقق الفارهة في القاهرة وعمان، حيث يتم تحويلها لهم تفويضاتٍ ماليةً للإنفاق على العمليات العسكرية؛ ليتم تحويلها بعدُ إلى عقارات وأراضي، وترسل للخارج بالدولار الأمريكي.

ويُعتقد أن أحد أسباب ارتفاع الدولار في ليبيا هو الشراء عبر الصكوك المصدقة لمصرف التجارة والتنمية، وأن أبناء حفتر، صدام وخالد، وزوج ابنته أيوب الفرجاني، أكثر المشترين نشاطا للدولار خلال هذه الفترة، واستثمارها في الولايات المتحدة الأمريكية عبر مجموعة شركات استثمارية يشرف عليها، عقبة حفتر.

وأما الاتجاه الثاني، فالإنفاق على الإعلام وشركات العلاقات العامة، فقد نشر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية نصا، لعقد أبرم بين نجل حفتر، خالد، وشركة علاقات عامة؛ لتلميع صورة حفتر بين أعضاء الكونجرس الأمريكي، بعد التقارير الدولية ومحكمة الجنايات الدولية عن جرائم حرب قامت بها قواته في بنغازي والأبيار. وتقدر التكلفة بأكثر من مليون دينار ليبي، والإنفاق الكبير على الإعلام الذي بدأ بعد تأسيس صدام حفتر، قناة الحدث، والتي تعمل من بنغازي، حيث تفيد أنباء، بشراء وكالة أخبار بأكثر من 16 مليون دينار ليبي، والكثير من الصفحات على الفيس بوك.

وأجزم أن أكثر الأسباب وراء شح الأموال لعملية الكرامة، هو العمليات العسكرية في مدن غرب طرابلس، التي تسببت في إضعاف عمليات الهجرة غير الشرعية، وتناقص أعداد المهاجرين العابرين للحدود التي تسيطر عليها عملية الكرامة.

والأمر الآخر وهو الأهم، انقطاع الأموال عبر حكومة الثني، بعد اتفاق الصخيرات والإجراءات الأخيرة للمجتمع الدولي للحد من تدفق تلك الأموال إلى حكومة مجلس نواب طبرق وعملية الكرامة، وحالة عدم الثقة التي يشعر بها أبناء حفتر في المنطقة الشرقية.

فما هو شعور من فقد أحد أبنائه أو بُترت أحد أطرافه، عندما يكتشف أن الكرامة أصبحت مشروع ثراء فاحش لأبناء حفتر وقياداته.

 

كُتب بواسطة raed_admin

بيروني: لا استقرار في ليبيا دون جيش موحد

صوان: التذرع باتهامات لم تثبت صحتها للتدخل في شؤون ليبيا “أمر مرفوض”