يعتبر قطاع النفط من أهم القطاعات في ليبيا، وهو المصدر الرئيس للدخل في الميزانية العامة، وقد واجه هذا القطاع كثيرًا من التحديات، منها وقوع المنشآت النفطية في مناطق الاشتباكات، والإغلاق المتكرر للمنشآت النفطية، وقد أثر كل ذلك في إنتاج النفط الذي انعكس بدوره على كافة قطاعات الدولة.
سنةٌ سيئة
في آخر عام 2013 قام رئيس حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران بإيقاف تصدير النفط من الموانئ الواقعة في منطقة الهلال النفطي، الأمر الذي دفع الشركات لإيقاف ضخه من الحقول باتجاه الموانئ؛ بسبب ما وصفه بـ ” بيع النفط خارج العدادات”.
منذ ذلك التاريخ والدولة الليبية تعيش واقعًا مريرًا، أثر في قطاعات الدولة الرئيسية، وانعكس على حاجات المواطن البسيطة، الجضران بإغلاقه الحقول لثلاث سنوات، وابتزازه للجهات المسؤولة سنّ سنة سيئة دفعت أصحاب المصالح في مختلف مناطق البلاد لاتباعها.
المؤسسة الوطنية للنفط، منذ 18 من سبتمبر من العام الماضي عندما رفعت حالة القوة القاهرة عن موانئ الهلال النفطي، وهي تحاول جاهدة العودة لإنتاجها الطبيعي من النفط، إلا أنها تصطدم بتحديات جديدة وإغلاق متكرر للمنشآت النفطية.
المؤسسة في الأول من يوليو المنصرم، تجاوز إنتاجها النفطي المليون برميل يوميًّا، بعد ثلاثة أعوام عجاف لم يتجاوز فيها الإنتاج 360 ألف برميل يوميًّا، وذلك بعد عودة حقلي الشرارة والفيل الواقعين في المنطقة الجنوبية للعمل، وفتح صمام الرياينة الرابط بين الحقول وميناء الزاوية بعد عامين من إغلاقه.
خسائر فادحة
قدّرت المؤسسة الوطنية للنفط، حسب ما نشرت على موقعها الرسمي، خسائرها جراء إغلاق الحقول والموانئ النفطية منذ أواخر 2013 إلى مايو من العام الحالي، بحوالي 130 مليار دولار.
ويستمر نزيف خسائر المؤسسة النفطية والدولة جراء الإغلاق المتكرر، ففي 30 من أغسطس الماضي، أعلنت المؤسسة خسائر جديدة قدرتها بــ 160 مليون دولار جراء إغلاق مجموعة مسلحة لصمام الرياينة الرابط بين حقل الشرارة وميناء الزاوية، والخط الرابط بين حمادة وميناء الزاوية، وإغلاق غرفة التحكم بحقل الوفاء، منذ 19 من أغسطس، وفي 7 من سبتمبر المنصرم أغلقت مجموعة مسلحة الخط الرابط بين مجمع مليتة الصناعي ومحطة الرويس الكهربائية، الأمر الذي أدى إلى توقف جزئي لإنتاج حقل الوفاء، وانقطاع إمدادات الغاز عن الخط الساحلي، وبلغت خسائر إغلاق هذا الخط حوالي مليونَيْ دولار.
ورفعت المؤسسة الوطنية للنفط، أوائل أكتوبر الجاري، حالة القوة القاهرة عن صادرات خام الشرارة من ميناء الزاوية، بعد توقف الإنتاج في الحقل يومين، بعد إغلاق مجموعة مسلحة له، وقد قُدّرت خسائر فاقد الإنتاج بأكثر من 27 مليون دولار.
معاناة مؤسسات الدولة
من جهة أخرى، قال مصرف ليبيا المركزي، إن العجز في الإيرادات لهذا العام، بلغ حوالي 6.5 مليار دينار، وهو ناتج أغلبه عن عدم تمكن المؤسسة الوطنية للنفط من الوصول إلى معدلات الإنتاج والتصدير المتوقعة وهي 1.2 مليون برميل يوميًّا، نتيجة الخروقات الأمنية.
وأكد المركزي، حسب ما نشر على موقعه الرسمي، في 2 من أكتوبر الجاري، أنه حذر في أكثر من مناسبة، من مغبّة إغلاق الحقول والمنشآت الحيوية الذي كبد الدولة خسائر تزيد عن 160 مليار دولار، وجعل إجمالي الإيرادات الفعلية لا يكفي بند المرتبات.
وأوضح المركزي أنه نتيجةً للعجز في الميزانية بلغ إجمالي السُّلف التي مُنحت لوزارة المالية “الدين العام” خلال المدة بين (2014-2017) لتمويل بنود الميزانية، نحو 70 مليار دينار.
وبيّن المركزي أنه قام بتغطية الإنفاق على أبواب الميزانية وفقًا للترتيبات المالية المعتمدة للعام الحالي، كما ترد من وزارة المالية، لكافة قطاعات الدولة ومناطقها دون استثناء، خلافا لما يُروّج له البعض.
وتستمر معاناة مؤسسات الدولة مع الوضع الأمني في البلاد، وآثاره الكبيرة على عملها، الذي انعكس سلبًا على حياة المواطن وحاجاته الأساسية، من نقص السيولة، وارتفاع سعر صرف الدولار، ونقص في السلع الأساسية وغلائها، في ظل عجز المؤسسات الأمنية والعسكرية عن بسط الأمن، والسيطرة الكاملة على المنشآت الحيوية في البلاد، ويبقى السؤال: كيف ستخرج الدولة من هذه الأزمة؟