أولاً / المجلس الرئاسي بهيئته الموسعة ” المترهلة ” صار غير قادر بالمطلق على القيام بمسؤولياته الرئاسية والحكومية وأصبح لزاماً اختزال عضوياته في رئيس و نائبين .
ثانياً / الجمع بين الاختصاصات الرئاسية و الحكومية ” التنفيذية ” من ضمن أهم أسباب ارتباك و اضطراب عمل المؤسسة التنفيذية، و من ثم فلا مناص من الفصل بين السلطة الرئاسية و التنفيذية .
ثالثاً / إطلاق جسم جديد تحت اسم ” المؤتمر الوطني ” هو في حقيقته تسليط للضوء على جانب مهمل طيلة السنوات الماضية ألا و هو المشاركة الواسعة من جميع الأطياف الوطنية دون إقصاء و البدء في خطوات عملية للمصالحة الوطنية الناجزة و عدم اعتبارها مجرد شعار أو عنوان كما سبق في السنوات الماضية، و المأرب الآخر من إنشاء هذا المؤتمر هو التلويح ” الناعم ” للمعرقلين من أي من مؤسستي البرلمان و مجلس الدولة بإمكانية الاستعاضة بهذا المؤتمر لتغطية أي فراغ و لتسريح أي عرقلة قد تفتعل من أي معرقل .
رابعاً / توسيع دائرة المشاركة في صياغة مشروع الدستور و عدم قصرها على مجموعة من الخبراء و الممثلين لمناطق أو تيارات، و قد شهدنا الخلافات الحادة التي حصلت في أعمال الهيئة و التي كانت نموذجاً مؤسفاً لنقل الصراعات السياسية و الجهوية على مائدة الهيئة بما جعلها تضطر لإصدار مشروع دستور ” توافقي “، بمعنى أن ما سطر في مدوناته ليس بالضرورة تعبيراً عن قناعات الموقعين و إنما الحد الأدنى من تفاهمات ما، بالإضافة إلى الفجوة الكبيرة بين ما تمت صياغته و حقائق الواقع ،، و بالتالي فاستحقاق صياغة الدستور صار مسؤولية جماعية ليست حصرية لأعضاء الهيئة، و هذا يمثل محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق في صياغة مشروع دستور وطني ينشأ من رحم التجربة و التوافق الوطني، ولا يدستر غنائم فئوية أو يضمن مصالح آنية قصيرة النظر و الأمد .
أخيراً .. حسب رأيي فإن الفجوة تزداد اتساعاً بين معاناة الشعب و مآرب النخبة و بين المصلحة الوطنية و الغنائم السياسية ، و لذلك فلا غرابة أن يكون الحل واضحاً و لكنه غير مقبول لسبب بسيط، و هو عدم تلبية ذلك الحل لمصالح من أدمن الأرتال و وهم الأمجاد و أضواء السلطة حتى و إن كانت زائفة، فلا بد لسلطة أن تكون زائفة ليتقلدها أمثال من نرى و نشاهد، و خير دليل النتائج التي نحصدها جراء سياساتهم و تصرفاتهم، فالدينار في الحضيض، و الخدمات شبه معدومة، و الأمل في المستقبل صار في أدنى مستوياته، و الاضطرابات النفسية و الشعور بالقلق و الضغط و اليأس أصاب عموم الشعب بشيبه و شبابه، و أعتقد أن ساسة اليوم يتحملون وزر هذا السوء الذي نعيشه ،، لا بد من وجوه جديدة بعقلية جديدة و روح جديدة .. واقعية و منطقية و توافق و مصالحة و الأولوية لأصحاب الكفاءة لا لأصحاب الولاء .. الولاء المتوهج بالشعارات أراه قرينة على النفاق و التطبيل، و المعيار السليم هو الكفاءة العالية و الخبرة و المهنية، و إعطاء الأمانة للقوي الأمين، و هؤلاء لن نجدهم في قاعات السرك السياسي الذي يعج بالبهلوانات و الأراجوزات.
نحن بحاجة لإعطاء الأمانة لأصحاب الرؤية و المشاريع و القدرة و الدراية
أنس أبوشعاله محامي ليبي